الثلاثاء، 29 ديسمبر 2009

الغاية لا تبرر الوسيلة !!


سؤال خطر علي بالي في يوم من الأيام .. هل الغاية تبرر الوسيلة ؟. فعزمت حينها لإعداد موضوع عن هذه المقولة وأشرح فيه مضمون هذه العبارة وأذكر بعض الأمثلة والمعلومات عنها.
الغاية تبرر الوسيلة ... مقولة دارجة في كل مكان وعلى كل لسان ... ولكن ما هي حقيقتها ؟. إنه مبدأ تبناه المفكر والسياسي الإيطالي ماكيافيلي خلال القرن السادس عشر. وجوهر فكرته أن يحدد الإنسان هدفاً وبعد ذلك يبحث عن الوسائل التي توصله إلى ذلك الهدف أياً كان شكلها أو كيفيتها، فيسحق من أمامه إن اعترضت مصلحته معهم، وعلى تلك فقس ما سواها من القضايا والأمور.
الغاية تبرر الوسيلة ... مقولة دائماً ما نرددها على ألسنتنا ... ولكن هل فكرنا فيها بعمق ؟! هل راجعنا وحللنا تصرفاتنا بصدق وصراحة !! هل اضطرتنا الظروف أن نطبق هذا المبدأ رغم كرهنا له ؟! ما الذي يحدد سمو الغاية وانحطاط الوسيلة ؟! هل هناك غايات تستحق أن تُحَقَ بأي وسيلة ؟! وهل هناك وسائل يمكن التغاضي عنها ؟. دعوني أشرح لكم مضمون هذه العبارة :
الغاية :
نعرض معنى الغاية بشكل عام دون الخوض في تعقيدات الفلاسفة أو نظريات العلماء، فالغاية يفهمها كل شخص بحدود عقله ومعرفته، فغاية التاجر الربح، وغاية الطالب التعلم، وغاية المنافق رضا الناس، وغاية المؤمن رضا الله سبحانه وتعالى، وهلم جرى.
الوسيلة :
وهي أن نضع الغاية في محلها الفعلي على أرض الواقع، فكما ورد في أمثلتنا السابقة، نرى التاجر بإعلاناته وترويج بضاعته يصل إلى الربح وهي غايته، والمؤمن يعبد ويلتزم فيصل إلى رضا الله، والمنافق يعطيك على طرف اللسان حلاوة ويصور نفسه بمظهر الصلاح وهو أبعد ما يكون من ذلك، وهناك أمثلة كثيرة وهذا غيض من فيض ولكن أرجو أن تكون الصورة قد اتضحت لكم.
ما هو الصواب ؟
الصواب أن نحدد المعايير والمقاييس الأساسية أولاً، ومن ثم نستطيع أن نفعل أي شيء بناءً على ما وضعناه من مقاييس. وفي الواقع أن الله سبحانه وتعالى مدنا بالعقل، وأرسل إلينا الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين يحملون لنا شرائعه السامية التي تكفل لنا كامل الأمان والاستقرار والسلام. ودعوتي هنا أن نعود إلى مبادئ وأساسيات إسلامنا الحنيف وننهل من جواهره ودرره ونعيد لحياتنا أمنها وسلامها واستقرارها. فلنتخيل مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، يتجلى لنا أنه لا يوجد أساساً مقاييس مسبقة، فما إن تواجه الشخص مشكلة حتى ابتدع وسائل لتحقيق مبتغاه.
من الصعب علينا أن نتصور كيف يمكن أن نصل إلى غايات نبيلة باستخدام وسائل خسيسة ! إن الغاية النبيلة لا تحيا إلا في قلب نبيل، فكيف يمكن لذلك القلب أن يطيق استخدام وسيلة خسيسة ؟ بل كيف يهتدي إلى استخدام هذه الوسيلة ؟! فحين نخوض إلى الشط الممرع بركة من الوحل لابد أن نصل إلى الشط ملوثين ... إن أوحال الطريق ستترك آثارها على أقدامنا، وعلى مواضع هذه الأقدام. كذلك الحال حين نستخدم وسيلة خسيسة فإن الدنس سيعلق بأرواحنا وسيترك آثاره في هذه الأرواح وفي الغاية التي وصلنا إليها!.
الغاية تبرر الوسيلة ... تلك هي حكمة الغرب الكبرى !! لأن الغرب يحيا بذهنه، وفي الذهن يمكن أن توجد التقسيمات والفوارق بين الوسائل والغايات.
رسالتي :
لا يستطيع الإنسان الحياة بدون نظام، فما كانت الحضارات لتقوم بلا نظام، فعلينا أن نحدد لنا نظام فيه من المقاييس والضوابط ما يُسَيِر الأمور على أكمل وجه، وعليه تكون الحياة أفضل وأجمل ...
وختاماً ...
أذكركم بقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم : (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً). فإنه كنت قد أصبت فمن الله جل وعلا وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شارك برأيك هنا ...